كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهَا إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْأَوْلَوِيَّةِ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) هَذَا تَحَكُّمٌ بَلْ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ سم عَلَى حَجّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إذَا عَلِمَ أَنَّ غَيْرَهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ آخِذِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ بِوَجْهٍ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ تَأَلُّمِهِ بِعَدَمِ رَدِّ السَّلَامِ عَنْهُ وَمِنْ عَدَمِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَهُ؛ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِدُونِ أَدَائِهِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ مَثَلًا. اهـ. ع ش.
عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ فِيهِ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنْ لَا مَشَقَّةَ، وَأَمَّا عَدَمُ الضَّغَائِنِ فَمَمْنُوعٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الدَّفْعُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاخْتَارَهُ إلَى وَمَحَلُّ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ مَنْ أُذِلَّ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ) أَيْ: وَلَوْ مَيِّتًا فَيَمْتَنِعُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُ بِالسَّبِّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ ذَلِكَ) أَيْ: الدَّفْعِ عَنْ الْغَيْرِ عَلَيْهِمْ أَيْ: الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ الْإِمَامُ: كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: نَعَمْ لَوْ صَالَ إلَخْ كَمَا فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ سُقُوطِ الْوُجُوبِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. ع ش.
عِبَارَةٌ، وَهَذَا الْبَحْثُ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي الصَّفِّ، وَكَانُوا مِثْلَيْهِ فَأَقَلَّ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ الدَّفْعُ عَنْ سَيِّدِهِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى رُوحِهِ، بَلْ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ الِابْنَ الدَّفْعُ عَنْ أَبِيهِ أَيْضًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ أَيْ: لِوُضُوحِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: نَفْسِ الدَّافِعِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَهَلْ لِلْآحَادِ مَنْعُهُ إلَخْ؟) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِلْآحَادِ مَنْعُهُ خِلَافًا لِلْأُصُولِيِّينَ حَتَّى لَوْ عَلِمَ شُرْبَ خَمْرٍ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي، بَلْ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلِبَعْضِ الْآحَادِ مَنْعُهُ، وَلَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ حَتَّى قَالُوا إلَخْ وَالْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَبَّرُوا هُنَا بِالْوُجُوبِ وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُ الْأَصْحَابِ بِالْجَوَازِ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَلْ أَنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ ارْتِكَابِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى مُتَعَاطِيهِ لِإِزَالَتِهِ نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلِهِمْ لِمَنْ عَلِمَ شُرْبَ الْخَمْرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ) أَيْ: تَعْرِيضَهَا لِلْهَلَكَةِ. اهـ. قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّعَرُّضَ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. اهـ. ع ش.
(وَلَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ) مَثَلًا مِنْ عُلُوٍّ عَلَى إنْسَانٍ (وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) هَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَكَسَرَهَا (ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ)، وَإِنْ كَانَ كَسْرُهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِهِ؛ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهَا يُحَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ فَصَارَ كَمُضْطَرٍّ لِطَعَامٍ يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ وَضَعَهَا بِمَحَلٍّ يُضْمَنُ كَرَوْشَنٍ أَوْ مَائِلَةٍ أَوْ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا كَاسِرُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ وَاضِعَهَا هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهَا، وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَعَامِهِ لَمْ تَكُنْ صَائِلَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا وَيَضْمَنُهَا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ إلَخْ) كَذَا فِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ أَيْضًا، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: يَجُوزُ دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ عَنْ آدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ عَنْ كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَبُضْعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ. اهـ.

وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ حَيْلُولَةِ الْبَهِيمَةِ وَمَسْأَلَةِ صِيَالِهَا عَلَى الْمَالِ، وَأَنَّهَا فِي الْأَوَّلِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا صِيَالٌ عَلَى الطَّعَامِ بَلْ مُجَرَّدُ الْحَيْلُولَةِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ، وَأَنَّهَا لَوْ صَالَتْ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الصِّيَالِ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ دَفْعُهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى إتْلَافِهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الدَّفْعِ نَعَمْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: جَرَّةٌ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ إنَاءٌ مِنْ فَخَّارٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَدْفَعُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: هَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَأَمْكَنَ هَرَبٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: نَعَمْ إلَى، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عُلْوٍ) بِوَزْنِ قُفْلٍ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا اخْتِيَارَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: يُحَالُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى اخْتِيَارِهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَتَّى يُحَالَ عَلَيْهَا. اهـ.
أَيْ: يُحَالَ السُّقُوطُ عَلَى الْجَرَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ) أَيْ: فَإِنَّ لَهَا نَوْعَ اخْتِيَارٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَصَارَ) أَيْ: كَاسِرُ الْجَرَّةِ.
(قَوْلُهُ: كَرَوْشَنٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْخَارِجُ إلَى الشَّارِعِ فَإِنَّهُ يُضَمَّنُ مُتْلِفُهُ فَكَذَا مَا وُضِعَ عَلَيْهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا كَاسِرُهَا إلَخْ) أَيْ: وَيَضْمَنُ وَاضِعُهَا مَا تَلِفَ بِهَا؛ لِتَقْصِيرِهِ بِوَضْعِهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْغَارِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَنَّهُ أَمْكَنَهُ إلَخْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ إلَخْ) أَيْ: لَمْ تُمَكِّنْ جَائِعًا مِنْ وُصُولِهِ إلَى طَعَامِهِ إلَّا بِقَتْلِهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا) الْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا أَيْ: حَيْثُ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي مَحَلٍّ لَا يَخْتَصُّ بِصَاحِبِ الطَّعَامِ فَإِنْ وَقَفَتْ فِي مِلْكِهِ أَيْ: مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ فَصَائِلَةٌ عَلَيْهِ فَيُخْرِجُهَا بِالْأَخَفِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَالَهُ ع ش وَأَشَارَ الرَّشِيدِيُّ إلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ: اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا وَإِنْ أَدَّى لِنَحْوِ قَتْلِهَا؟ وَفِي كَلَامِ سم إشَارَةٌ إلَى الْجَوَازِ وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى الطَّعَامِ. اهـ.
أَقُولُ: وَكَذَا يُشِيرُ إلَى الْجَوَازِ تَوْجِيهُ الْمُغْنِي الضَّمَانَ هُنَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَقَتْلِهِ لَهَا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجُوعِ فَكَانَ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا) أَيْ: إنْ دَفَعَهَا؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَلَمْ تَقْصِدْ مَالَهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ: عَدَمَ ضَمَانِ الْبَهِيمَةِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ: وَمَا هُنَا حَقُّ الْآدَمِيِّ.
(وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ) الْمَعْصُومِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ، وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ، (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ قَطْعِ الْعُضْوِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ الْعَضُّ إنْ تَعَيَّنَ لِلدَّفْعِ، (فَإِنْ أَمْكَنَ) الدَّفْعُ (بِكَلَامٍ) يَزْجُرُهُ بِهِ (أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ (حَرُمَ الضَّرْبُ).
وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ الزَّجْرِ وَالِاسْتِغَاثَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ بِهِ أَقْوَى مِنْ الزَّجْرِ كَإِمْسَاكِ حَاكِمٍ جَائِرٍ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَوْجَبَهُ وَوَاضِحٌ أَنَّا وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الضَّمَانِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَالْإِمْسَاكِ لِلْقَاتِلِ، (أَوْ يَضْرِبُ بِيَدِهِ حَرُمَ سَوْطٍ أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٍ)؛ لِأَنَّهُ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْأَغْلَظِ مَعَ إمْكَانِ الْأَسْهَلِ، وَمَتَى انْتَقَلَ لِمَرْتَبَةٍ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِدُونِهَا ضَمِنَ، نَعَمْ لِمَنْ رَأَى مُولِجًا فِي أَجْنَبِيَّةٍ قَتَلَهُ وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ لَا يَسْتَدْرِكُ بِالْأَنَاةِ، وَفِي قَتْلِهِ هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا قِيلَ دُفِعَ فَيَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ وَلَوْ بِكْرًا، وَالثَّانِي حُدَّ فَيُقْتَلُ الْمُحْصَنُ مِنْهُمَا وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَالْأَظْهَرُ قُتِلَ الرَّجُلُ مُطْلَقًا انْتَهَى.
وَاَلَّذِي فِي الْأُمِّ يُقْتَلُ الْمُحْصَنُ مِنْهُمَا بَاطِنًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ التَّعْزِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا إنْ أَدَّى الدَّفْعُ بِغَيْرِهِ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْفَاحِشَةِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَصُولُ عَلَيْهِ إلَّا سَيْفًا جَازَ لَهُ الدَّفْعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالْعَصَا؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي عَدَمِ اسْتِصْحَابِهَا وَلِذَلِكَ مَنْ أَحْسَنَ الدَّفْعَ بِطَرَفِ السَّيْفِ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُحْسِنُ وَلَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا خَرَجَ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سِيَّمَا لَوْ كَانَ الصَّائِلُونَ جَمَاعَةً، إذْ رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ حِينَئِذٍ تُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِهِ، أَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بِشَرْطِهِ، فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ فِيهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا) أَيْ: أَوْ بِعَصًا حَرُمَ سَيْفٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِ هِمَا مُصَرِّحٌ بِخِلَافِ هَذَا، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَأَصْلِهِ: فَإِنْ انْدَفَعَ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا انْتَهَى.
وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ حَتَّى فِي الْفَاحِشَةِ. اهـ.
لَكِنْ يُوَافِقُ مَا قَالَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْصَنِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا نَصُّهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْ: رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي الْمَعْصُومِ أَمَّا غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ. اهـ.
إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ حَالَ زِنَاهُ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ وَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ ابْتِدَاءُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالْقَتْلِ مَعَ عَدَمِ تَلَبُّسِهِ بِالزِّنَا حَالَ صِيَالِهِ فَمَعَ تَلَبُّسِهِ بِهِ أَوْلَى، نَعَمْ يُمْكِنُ مُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ فِيمَا قَالَهُ بِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ لِتَضَمُّنِهِ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ مَعَ عَدَمِ عِصْمَتِهِ فَإِنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْصُومِ وَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ، لَكِنْ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْحَرْبِيِّ لِجَوَازِ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً وَلَوْ فِي غَيْرِ صِيَالٍ.
(قَوْلُهُ: كَزَانٍ مُحْصَنٍ) قَضِيَّتُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ رَأَى مَوْلَجًا فِي أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ وُجُوبِ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ التَّرْتِيبُ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْفَاحِشَةِ فَمَعَ غَيْرِهَا أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: الْمَعْصُومُ) صِفَةُ الصَّائِلِ وَسَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ: أَمَّا الْمُهْدَرُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: عَلَى شَيْءٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّائِلِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: الصِّيَالِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: بِالْأَخَفِّ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ الصَّائِلِ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِكَفِّ شَرِّهِ عَنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِهَلَاكِهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْهَلَاكِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ بِالسِّحْرِ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ إلَخْ) لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ اعْتِبَارُ غَلَبَةِ ظَنِّ الدَّافِعِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى مَا بَعْدَ الضَّرْبِ.
(قَوْلُهُ: بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الضَّرْبِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.